الطلاق السريع

موضوع: الطلاق السريع الخميس سبتمبر 11, 2008 3:39 pm

‏‏أيها البيت المصري‏..‏ ما الذي أصابك حتي يعشش تحت سقفك بعبع جديد اسمه الطلاق السريع‏..‏ من المسئول هنا‏..‏ لن نقول الحكومة‏..‏ صحيح أن الحالة جيم والناس في فقر لم يعرفوه من قبل‏..‏ والأسعار في السماء السابعة وطوابير الشباب علي المقاهي وعلي النواصي بلا عمل‏..‏ ولكن الحكومة لن تتدخل لتصلح ذات البين‏..‏ من المؤكد أن فيه حاجة غلط‏!‏؟‏‏
الحكومة لن تعمل خاطبة خاصة لزواج سعيد‏..‏ ولن تتدخل لتصلح ذات البين بين زوجين أصبحا لا يطيقان بعضهما بعضا؟
العيب فينا نحن‏..‏
لدينا‏..‏ والحمد والشكر لله‏..‏ البريد السريع والقطار السريع والحج السريع‏..‏ وأصبح لدينا الآن أيضاًوفي غفلة منا شيء اسمه الطلاق السريع‏
ما إن يتزوج اثنان بعد قصة حب مشتعلة الأداء‏..‏ وبعد أن تقام الزينات وتنصب الافراح وتلعلع المطربات وتتغندر الراقصات في فنادق الخمس نجوم‏..‏ أو فوق سطوح بيت قديم آيل للسقوط‏,‏ أو حتي زفة بلدي في حارة معتمة في حي شعبي‏..‏
وما يكاد المعازيم والأهل والأقارب يهجعون في دورهم وطعم الشربات والملبس مازال في فمهم‏..‏ حتي يدوي الخبر المؤلم‏,‏ وعادة ما تعلنه امرأة قرشانة من إياهن‏:‏ مادريتيش ياحبيبتي‏..‏ موش فلان وفلانة إللي حضرنا فرحهم في العيد اللي فات‏..‏ اتطلقوا‏!‏
تسأل من تلقت الخبر‏:‏ معقولة ليه يا أختي كفا الله الشر؟
تقول القرشانة صاحبة الخبر المفاجأة‏:‏ ماحدش عارف لحد دلوقتي لكن اللي نعرفه انهم اتطلقوا وبس‏..‏ اوعي تجيبي سيرة لحد‏!‏
وهكذا دخل الطلاق السريع قاموس الطلاق وخراب البيوت في بلدنا‏..‏ والواقفون أمام شباك حجز تذاكر قطار الطلاق السريع تحولوا إلي طوابير طويلة‏..‏
واذا كان لدينا الآن حالة طلاق كل‏6‏ دقائق‏..‏ فإن لدينا أيضا‏:18%‏ طلاق بعد‏6‏ أشهر علي الاكثر من الزواج‏.‏
‏27%‏ طلاق قبل السنة الاولي
‏16%‏ طلاق قبل الدخول بالعروس‏!‏
والذي رفع الضغط الي أرقام بيانية فلكية تودي في داهية ان يتم الطلاق السريع‏..‏ والزوجة تنتظر أول مولودها الذي لم ير النور بعد‏..‏ واذا جاء ورأي نور الدنيا أول مرة‏..‏ فسيجد نفسه دون أن يعرف وقبل أن يفهم‏..‏ بين أب وأم في حالة طلاق‏!

طلاق بالضربة القاضية‏!‏
في أوراق الزميلة الصحفية نهي صادق حالة فريدة من هذا النوع‏..‏ لم يصمد الزواج فيها أكثر من عشرة أشهر‏..‏ ثم سقط بعدها بالضربة القاضية الزوجية‏..‏ وجنين عمره أربعة أشهر يتحرك في بطن الزوجة لم ير نور الدنيا بعد‏!‏
الطرف الأول في قضية الطلاق بالضربة القاضية في الجولة العاشرة زوج‏..‏ يحكي لها حكايته مع الحب والزواج والخصام والخناق والطلاق‏..‏ قال‏:‏
ـ أنا شاب ناجح في عملي‏..‏ مستقيم‏..‏ عمري الآن ثلاثة وثلاثون عاما‏..‏ أحببت ابنة عمتي وهي أصغر مني بثماني سنوات‏..‏ ولأننا أهل وأقارب فقد كنا نري بعضنا أوقاتا طويلة‏..‏ وقد صارحتني انها تبادلني نفس الشعور والمشاعر والاحاسيس‏..‏ وقلت لنفسي‏:‏ ياواد زيتنا في دقيقنا‏..‏ وستر وغطا علي بعض ومشاعر طيبة متبادلة‏..‏ فلما لا نكمل المشوار‏..‏ وتقدمت لخطبتها وسط ترحيب الاسرة كلها‏..‏ ولكن خلال فترة الخطوبة التي لم تتعد الاشهر الثلاثة‏..‏ ظهرت لي عصبية طباعها وحدة انفعالاتها التي لم أكن أعرف عنها شيئا‏..‏
وبدأ مسلسل الخناقات التي كانت عصبيتها الزائدة وأعصابها المنفلتة البطل الاول فيها‏.‏
مرة عند احضار أثاث عش الزوجية للمنزل‏..‏ خناقة لرب السما‏..‏ وتدخل الاهل للصلح‏..‏ باعتبار ان الصلح خير‏..‏ وقد حدث‏.‏
ولكن ليلة العمر‏..‏ ليلة الزفاف تحولت الي ليلة معارك العمر‏..‏ فقد دبت خناقات طول اليوم‏..‏ حتي وصلنا الي الكوشة‏,‏ وبينما نحن جالسان جنبا الي جنب‏..‏ هي بالثوب الابيض وأنا بالبدلة السواء والبابيون‏..‏ فاجأني والدها وصحبني الي ركن بعيد ووضع أمام عيني أوراق طلب مني توقيعها‏!‏
تسأله نهي‏:‏ أوراق ايه في ليلة الزفاف؟
قال العريس‏:‏ كانت الاوراق كالآتي‏:‏
‏1‏ ـ الورقة الاولي بمبلغ ‏76‏ ألف جنيه قيمة قائمة العفش‏!‏
‏2‏ ـ الورقة الثانية مؤخر صداق بــ‏20‏ ألف جنيه‏.‏
كان الامر بالنسبة لي مفاجأة ـ الزوج مازال يحكي ـ ورفضت التوقيع في ليلة الزفاف‏..‏ وجاءت العروس ابنة عمتي بفستان الفرح وبعصبيتها المعهودة وقالت لي‏:‏ لازم تمضي‏..‏ ده حقي‏!‏
وبدلا من الخناقات والبهدلة والفضائح في ليلة العمر وعلي مرأي ومسمع ومشهد من المعازيم والاهل والاصدقاء‏..‏ فضلت أن اوقع صاغرا حتي لا ينقلب الفرح عويلا وندبا وصراخا‏!‏
وجاء خبر حملها في ثلاثة أشهر بلسما عاطرا سارا لي‏..‏ ولكنه وقع عليها وقوع الصاعقة‏..‏ لا اعرف هل كانت لا تريد حملا ولا أطفالا مني‏..‏ أم لا؟
المهم أن الخناقات زادت واشتعلت وختمتها بطلب الطلاق‏!‏
وتعجبت كيف تكون حاملا وتطلب الطلاق‏..‏ وكأي رجل عنده ذرة من رجولة كان علي أن اطلقها وأسرحها بالمعروف وهي ابنة عمتي‏..‏ ولكنني في النهاية لم أجد مفرا تحت ضغوطها وعصبيتها الزائدة إلا أن أطلقها لأنني لو لم أفعل لأصبحت رجلا بلا كرامة‏!

دائرة الخوف والعذاب‏!‏
ورصيدنا في بنك الطلاق قفز الي معدلات وأرقام قياسية‏..‏ تجاوز الرقم السنوي لعدد حالات الطلاق‏69‏ ألف حالة حسب الاحصائيات الرسمية‏..‏ وإن كان هناك حالات طلاق وانفصال لم تسجل‏..‏ إما انها حالة طلاق وقع بيمين ألقاه الزوج في وجه زوجته‏..‏ أو انها حالات طلاق لم تصل الي ساحات المحاكم بعد‏.‏
وجحيم المطلقات نيرانه مشتعلة علي الدوام لا تنطـفيء ولا تهدأ‏..‏ والبيت الذي تعيش فيه مطلقة يحلق فوقه علي الدوام غراب البين الاسود الذي ينوح حزنا وعويلا‏..‏ ويحول ليل المطلقات الي ليل ربما كان أشد سوادا من ليل الارامل‏..‏
لو أن أي زوجين متخاصمين جلسا ولو ساعة زمان واحدة مع أطفالهما‏..‏ وتحاورا مع فلذات الأكباد في مسألة الانفصال والطلاق‏..‏ لما حدثت حالة طلاق واحدة‏..‏
ولكن هذه النصيحة الغالية لم تعد تفيد في عصر تجبر فيه الرجل وتنطع‏..‏ وتعلمت فيه المرأة وتوظفت واصبح في يدها قرش يغنيها عن هم الرجال وقرف الازواج وخدمتهم خدمة العبد للسيد‏!‏
والدليل انه قد اصبح لدينا بعد أن سجلت حالات الطلاق‏,‏ أرقاما فلكية هذا الجيش من الاطفال الحياري الذين يعيشون جحيم الرؤية الاسبوعية وعددهم يتجاوز الــ‏5‏ ملايين طفل الآن‏..‏ يزيدون بمعدل‏50‏ ألف حالة علي الأقل كل سنة سوف يصابون بألف عقدة نفسية وعقدة‏..‏ إن لم يكن قد اصيبوا بها بالفعل‏.‏

تعالوا نقترب من هذه الشابة المسيحية الصغيرة الدقيقة الجسم ذات العيون السوداء التي تخفي حزنا دفينا‏..‏ لو قابلتها لحسبتها فتاة لم تدخل دنيا بعد‏..‏ ولكنها زوجة وأم لطفل لم يتجاوز العامين من عمره بعد‏.‏
لقد جاءت الينا بعد ان تألمت ما فيه الكفاية وبعد أن تعبت كثيرا وملت من القضايا والمحاكم‏,‏ جلست هادئة تحكي قصتها للزميلة الصحفية المتدربة محاسن الهواري‏,‏ وقد أنهكها التعب الذي يخطف أجمل سنوات عمرها‏.‏
قالت‏:‏ تزوجت عام‏2003‏ زواجا روتينيا‏,‏ وبدأت المشكلات منذ البداية‏..‏ إهانات وضرب وطردني من المنزل بعد شهر واحد من الزواج‏..‏ وبقيت عند والدتي حتي تدخل الاهل وعدت اليه‏,‏ ثم سرحت قليلا قبل أن تقول‏:‏ أخبرني انه كان في طفولته الطفل المعجزة فقد جال كل الدول العربية لكي يعزف علي آلة الكمان فيها وهو مازال حدثا بعد‏,‏ ولكنه حينما كبر ضاق بواقعه وشعر انه مجرد إنسان عادي وقد تقدم به العمر ولم يفعل أي شيء ذي قيمة‏!‏
في كثير من الاحيان كنت أشعر انه يتفنن في تعذيبي وإذلالي‏..‏ كانت مشاعره تجاهي دائما عدوانية‏..‏ حتي إنه حاول إلقائي ذات مرة من نافذة الشقة‏,‏ واعترف بذلك أمام الكنيسة‏!‏
لقد رفع قضية رؤية وأعطيته هذا الحق‏,‏ وكنت أذهب بصغيري الي الكنيسة‏..‏ هل تتصورين انه كان يقوم بضرب ابنه هذا الطفل الصغير أمامي؟
كان يقذفني بأبشع الشتائم وأبشع الالفاظ‏..‏ كان يعامل طفلنا بعنف وبأساليب غريبة‏..‏ بأن يجعل الطفل يقف علي الكرسي ويدحرجه‏..‏ ويأتي له باللعب ثم يأخذها معه عندما يمشي‏!‏ وعندما كان يراه الطفل يهرب منه‏!‏
هل تعلمين أن الكنيسة التي من المفترض أنها مكان الرؤية رفضت أن تجري الرؤية داخلها وأعطتني شهادة بأنها ترفض تنفيذ هذا الحكم من تصرفاته‏!‏
لقد بدد منقولات الشقة بحجة انه ليس هناك قائمة منقولات‏!‏ ثم قام اخيرا ببيع الشقة بيعا صوريا لزوج اخته حتي لا اعيش فيها أنا وطفلي‏!‏
هل تتخيلين ان القانون صرح للزوج بأن يبيع شقة الزوجية ثم ترفع الزوجة بعد ذلك قضية مسكن أو أجرة مسكن؟
سكتت قليلا لتجفف دموعها‏..‏ ثم قالت‏:‏ في أحد الأيام قاموا بكسر الشقة هو واخته وزوجها‏,‏ واتصلت بالنجدة وعملوا محضرا بالواقعة‏,‏ وتحولت القضية الي قضية اتلاف ودفع غرامة‏200‏ جنيه‏!‏
لقد تهجم علي داخل الكنيسة وحاول أخذ طفلي مني عنوة‏,‏ وتدخل الكهنة حتي لا يتم جريمته‏!‏
ولم يهدأ‏..‏ بعد أن باع الشقة رفع علي قضية طاعة في بيت والدته‏,‏ وهي شقة من غرفتين تسكن فيها أمه واخوه واخته اللذان لم يتزوجا بعد‏.‏
لقد رفعت عليه قضية اتلاف حينما قام بكسر باب الشقة وأخذ شهر حبس ورغم تأييد الحكم في الاستئناف ولكنه أخذ براءة في المعارضة‏..‏ لا أعرف كيف؟
هل تعلمين انني أتوقع منهم أي شيء‏..‏ من الممكن أن يرفعوا ضدي أي قضية تتخيلينها وهم يقومون برشوة البواب بجهاز موبايل بأن يقوم بتسلم أي اوراق خاصة بي ويعطيها لهم‏.‏
انني في انتظار أي حكم غيابي أو أي ادعاء كاذب‏!‏
لابد أن يكون هناك قانون يمنع الأذي عن الطفل المسكين‏,‏ سواء من الأم أو من الأب‏,‏ قانون له عينان يمنع مثل هذا الاب من أن يحول رؤية ابنه الي يوم عذاب للصغير‏!‏
ياليت الامر كان بيد الكنيسة وحدها‏..‏ لكانت المشكلة قد انتهت منذ زمن بعيد‏,‏ ولا أدري ما الذي جعلهم يغيرون هذا القانون‏..‏ ربما لكي يذيقوني الويلات في المحاكم؟

لا زوجة ولا مطلقة ولا أم‏!‏
قالت لنا بين دموعها‏:‏ أنا مثل البيت الوقف‏!‏ كان في صوتها وقار واتزان وكثير من الحكمة مع قليل من الصبر‏:‏ أنا مدرسة ثانوي‏..‏ مشكلتي ان هناك خلافا بيني وبين زوجي وأنا لم ألجأ الي اصحاب القلم المنصفين إلا بعد أن فاض بي الألم وعمر حياتي كلها كفيضان لا يتوقف‏..‏ عندي ولدان احدهما عمره عشر سنوات‏,‏ والآخر نحو أحدي عشرة سنة‏..‏ الذي حدث أن والد زوجي أخذ الولدين وزوجي مسافر في رحلة عمل الي السعودية‏,‏ أخذهما بحجة أن يراهما لمدة يومين اثنين‏..‏ ولانني امرأة متعلمة متحضرة وأؤمن أن مصلحة الابناء تكمن في القرب من اهل الاب وأهل الام‏..‏ وافقت ولكن ابنائي لم يعودا الي حضني ابدا‏..‏ تصوروا‏!‏
دموعها تسبقها وهي تقول‏:‏ ذهبت الي المدرسة وجدتهم قد نقلوا الابناء من المدرسة‏..‏ الي اين لا اعرف‏..‏ أما زوجي فقد تزوج من امرأة أخرى‏,‏ واهله قاموا بشحن ابنائي نفسيا ضدي‏..‏
قالوا لهما‏:‏ ان والدهما يوفر لهما كل سبل الراحة فهو من يمتلك السيارة وهو من يشتري لهما أفخر الثياب‏,‏ أما أنا فلا أملك إلا راتبي الحكومي المتواضع‏..‏ لم أقم برفع قضية طلاق لخوفي علي سمعتي وعلي ابنائي‏!‏
طوال سنة ونصف سنة لم يرسل لي زوجي إلا ثلاث حوالات قيمة كل حوالة نحو‏120‏ جنيها لا غير‏!‏
أنا الآن لا مطلقة ولا زوجة‏..‏ ولندع مشكلتي مع زوجي جانبا‏..‏ هل في الدنيا كلها ما يبيح أن تحرم أم من ولديها لمدة ثمانية عشرة شهرا‏..‏ أي جحيم بعد هذا في الحياة؟
انني لا اعرف هل ابنائي في مصر أم في السعودية؟
أي عدل في الارض بعد ما تحرم أم من ابنائها الاحياء مدة اربعمائة وثمانين يوما كاملة؟
سألناها‏:‏ لماذا لم تذهبي الي الشرطة لكي تبحث لك عن اولادك وزوجك الذي طفش؟
قالت‏:‏ ذهبت وفتحوا لي محضرا قلت فيه كل ما أريد وأكثر‏..‏ وفي النهاية قالوا لي‏:‏ لا نستطيع أن نفعل لك شيئا‏..‏ ليس هناك طلاق فنتهم زوجك بالهروب بالأولاد‏..‏ وليس هناك رؤية اسبوعية لأنه ليس هناك قضية اصلا‏!‏ وليس هناك نفقة بحكم محكمة يدفعها الزوج‏..‏ ولكنه يدفع مصاريف البيت‏+‏ مصاريف زوجة‏+‏ مصاريف اولاد‏..‏ وحتي الأولاد ليسوا معك‏!‏
هكذا قالوا لي‏..‏ وهكذا أصبحت لا زوجة ولا مطلقة ولا حتى أم‏..‏ وكيف أكون أما بلا أولاد؟

جارة الطريق‏!‏
ولكن ما قولكم دام فضلكم في أصغر مطلقة قابلناها‏..‏ مطلقة طفلة عمرها لم يتعد بعد السابعة عشرة عاما‏..‏ وأم لطفلة في عامها الاول؟
متي تزوجت؟ ومتي أنجبت؟ ومتي طلقت؟
لقد قابلتها وسجلت حكايتها العجيبة والغريبة الزميلة المتدربة محاسن الهواري‏:‏ انها ـ كما تحكي حكايتها ـ فتاة من أهل قري مصر الطيبين‏,‏ جلست الي جواري في حافلة عامة في طريقها الي واحدة من مدن الريف الجواني‏..‏
كانت تحمل طفلة صغيرة لا يتعدي عمرها العام‏,‏ كانت تضاحكها في خجل وتبادل الصغيرة الابتسام‏..‏ كأنهما طفلتان تلهوان معا‏..‏
في البداية ظننتها أختها الصغيرة ولكني عرفت الحقيقة عندما أخذت ترضعها من ثديها‏,‏ تجاذبنا اطراف الحديث‏..‏ حكت لي قصتها بدموعها قبل أن تحكيها بشفتيها‏..‏ قالت لي‏:‏‏ تزوجت وعمري أربعة عشرة عاما كان والدي يريد أن يتخلص من عبء إطعامي بأي شكل‏,‏ ورحب بأول من تقدم الي لأنه لم يكلفه أي شيء‏,‏ كان كبيرا في السن‏,‏ وكنت حينما تزوجته صغيرة لا اعرف من أمور الدنيا شيئا‏!‏
وددت لو احتضنتها واقول لها انت مازلت صغيرة على هذا الهم‏..‏ ولكنها واصلت حديثها البريء بقولها‏:‏
لم أكن أعرف شيئا‏..‏ كنت سعيدة بالشبكة والطرحة وبالغويشة والكردان الدهب‏,‏ وبأنه ستكون لي غرفة بمفردي مع زوجي‏..‏ كنت أحلم بأن أعيش في سعادة ولكني لم أتخيل أنني يوما ما سألقي هذا المصير‏!‏
امتلأت عيناها بالدموع واختنق صوتها وهي تقول‏:‏ علي الرغم من انني جاهلة لم أتعلم ولم أذهب الي مدارس في حياتي مثلك‏,‏ فإنني أفهم كل شيء الآن‏,‏ بل إنني حينما ذهبت الي محو الامية ذات مرة وأمسكت بالقلم شعرت انني كمن سيغرق في البحر المالح‏!‏
لقد كرهته لأنه كان يهينني دائما وأنا لا يمكن أن اطيع من يهينني‏..‏ حينما ضربني آخر مرة وكسر يدي طلقني أخي الأكبر منه وعدت برباب ابنتي علي كتفي الي بيت أبي‏!‏
أعطيتها منديلا ورقيا كي تجفف عبراتها‏..‏ وحينما نظرت في وجه طفلتها وابتسمت لها بادلتني الطفلة بابتسامة أجمل وأرق‏..‏
سألتها‏:‏ ومن ينفق علي رباب؟
قالت‏:‏ لقد أقسمت ألا آخذ منه مليما واحدا‏..‏ بعد أن رماني أنا وابنتي‏!‏
سألتها‏:‏ ولم لا ترفعين قضية نفقة؟
قالت‏:‏ من أين لي بأتعاب المحامي‏..‏ وأنت تعرفين أن المحاكم تستغرق وقتا طويلا وحبالها طويلة وكما يقول المثل في بلدنا‏:‏ يامستني السمنة من بطن النملة‏..‏ عمرك ما هاتقللي‏!‏
ابتسمت لكلامها وظرفها ومنطقها البسيط ومضيت ولكن في قلبي غصة وألما وجرحا لا يندمل‏!‏

طلاق بعد‏18‏ يوما زواج‏!‏
قابلتها الزميلة الصحفية المتدربة حنان مصطفي في إحدي المناسبات العائلية‏..‏ قالت ريم الجميلة في خمارها الأسود ذات الثمانية عشرة عاما وهي تحكي حكايتها بين الدموع والندم والأسي‏:‏
ـ لقد أصبحت مطلقة بعد‏18‏ يوما زواج فقط‏!‏
تسألها‏:‏ ازاي؟
قالت‏:‏ الحكاية إن جارنا كان مسافرا منذ سنين طويلة في الكويت يعني ماوعاش عليه‏..‏ المهم تم الاتفاق بين أمي وأمه علي إرسال صورتي إليه علي الرغم من أن سنه كانت‏36‏ سنة وسني وقتها‏16‏ سنة‏!‏
وتم الزفاف بعد حضوره بأيام‏,‏ ومن يوم الزفاف وأنا أشعر أن فيه حاجة غلط‏!‏
تسألها‏:‏ غلط من إيه؟
تقول وحمرة الخجل تعلو وجهها‏:‏ لم يكن لي تجربة سابقة كأي بنت من عائلة محافظة‏,‏ ولكنه كان يتناول أقراصا لا أعرفها‏..‏ ثم يعاشرني بعنف ويقوم بحركات شاذة وغريبة‏..‏ فذهبت لبيت أهلي بعد زفافي بأيام قليلة‏3‏ ايام فقط‏!‏
إلا أن أهلي أعادوني مرة أخري منعا لكلام الناس‏..‏ بنت ترجع بيت أبيها بعد الزفاف بــ‏72‏ ساعة ازاي بس‏!‏
ولكن الامور زادت واصبح يجبرني علي مشاهدة الافلام الخليعة علي الدش القمر الاوروبي والفيديو ويطلب مني أن أقلد ما أراه ولم أتحمل كثيرا‏..‏ وعدت لبيت أهلي بعد‏15‏ يوما‏!‏
تسألها‏:‏ يعني قعدتي في بيت الزوجية‏18‏ يوما‏!‏
قالت‏:‏ أيوه‏,‏ فقد قررت عدم العودة بأي طريقة وهددت بالانتحار إذا أعادوني إليه‏!‏
واكتشفت أني حامل ولكنني لم أتراجع أمام توسلاته لإعادتي أو أمام إلحاح أهلي‏,‏ أو حتي بعد أن وصلت الأمور إلي دائرة المشكلات والشد والجذب وطلقت أخيرا‏..‏ ولكن نظرة اهلي تغيرت فألبسوني النقاب ومنعوني من النزول من البيت أو زيارة أحد وده لأني علي حد قولهم صغيرة وجميلة وايضا مطلقة‏!‏
سألتها‏:‏ هل ارتحتي بعد الطلاق؟
فسكتت وسرحت‏..‏ ولكن لا جواب‏!..‏
طلاق في ليلة زفاف‏!‏
‏ لعله أسرع طلاق حدث في بر مصر كله‏..‏ وكنت أنا شخصيا حاضرا له حيث كنت أحد المدعوين‏..‏ وكان العريس والعروس يجلسان في الكوشة وأصوات الطبل والزمر والدي‏.‏جي تصم الآذان‏..‏ والراقصة تستعد لزفة العروسين الي غرفتهما في الفندق الفاخر‏..‏ إذا بهرج ومرج وأصوات و صراخ وسباب وشجار واغماءات وهيصة وزمبليطة‏!‏
ايه الخبر؟
قال فريق النمامين والنمامات‏:‏ الحقوا العريس رمي اليمين علي العروسة؟
سألنا‏:‏ ليه كفا الله الشر؟
قالت النمامات‏:‏ أصل العريس إلا لما جه يشرب عروسته كباية الشربات اندلقت من ايده غصب عنه فوق فستانها الابيض‏..‏ فما كان منها إلا أن قالت له‏:‏ موش تحاسب يا أعمي‏!‏
فما كان منه كرد فعل سريع أن ألقي عليها يمين الطلاق‏..‏ وترك الفرح كله وخرج من الفندق وفي أثره أهله وأصدقاؤه‏!‏
لم تفلح محاولات أهل العروسين في العودة بالعريس واستئناف مراسم الفرح‏..‏ باعتباره ألقي اليمين في لحظة غضب والغضب يلغي يمين الطلاق‏,‏ كما يقول المجتهدون في تفسير الدين والله أعلم ورسوله‏!‏
وبسؤال العريس الذي سجل أسرع طلاق بعد كتب الكتاب بساعات قليلة‏:‏ لماذا تسرعت بإلقاء يمين الطلاق في ليلة الزفاف‏..‏ وكان من الممكن استبداله بسباب أو شتيمة ردا علي كلمة أعمي هذه التي ألقتها في وجهك؟
قال بتصميم وثقة بنفس عبارته‏:‏ الست إللي تقول لجوزها ليلة الزفاف وأمام كل الناس‏:‏ حاسب يا أعمي‏..‏ امال حتقوله ايه بعد سنة واللا سنتين من الجواز‏!‏

قال:‏ الست إللي لسانها فالت ماتنفعش زوجة‏..‏ الزواج أول حاجة فيه كلمة الاحترام‏!‏
قلت‏:‏ عندك حق ياراجل ياطيب‏..‏ البيت لا يستقيم إلا بحاجتين‏:‏ زوج محترم وزوجة طيبة

اسف للاطالة و لكنة موضع جدير بالمناقشة و دة حالات قليلة من بعض الحالات اللى موجودة فى مجتمعنا
يا ترى اية السبب فى كدة ؟؟

ميرسي اوى (محمد)
علي الموضوع الرائع
وبارك الله فيكى

احمد دى موضوع للنقاش ياريت تقول رايك فى موضوع

شكرا محمد لطرحك الراقى

بالنسبة لااسباب الطلاق

وتتعدد أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل ذلك يحتاج إلى الإصاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوه الحسنة.
ومن الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية لا سيما في حالة المرأة الخائنة. وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي تحاول دعم استمرار العلاقة.

سبب مهم من أسباب الطلاق وهو "عدم التوافق بين الزوجين" ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام الروحي والعاطفي. وبالطبع فإن هذه العموميات صعبة التحديد، ويصعب أن نجد رجلاً وامرأة يتقاربان في بعض هذه الأمور، وهنا تختلف المقاييس فيما تعنيه كلمات "التوافق" وإلى أي مدى يجب أن يكون ذلك، ولابد لنا من تعديل أفكرانا وتوقعاتنا حول موضوع التوافق لأن ذلك يفيد كثيرا تقبل الأزواج لزوجاتهم وبالعكس.

والأفكار المثالية تؤدي إلى عدم الرضا وإلى مرض العلاقة وتدهورها. وبشكل عملي نجد أنه لابد من حد أدنى من التشابه في حالة استمرار العلاقة الزوجية نجاحها. فالتشابه يولد التقارب والتعاون، والاختلاف يولد التقارب والتعاون، والاختلاف يولد النفور والكراهية والمشاعر السلبية. ولا يعني التشابه أن يكون أحد الطرفين نسخة طبق الأصل عن الأخر. ويمكن للاختلافات بين الزوجين أن تكون مفيدة إذا كانت في إطار التكامل والاختلاف البناء الذي يضفي على العلاقة تنوعا وإثارة وحيوية.

وإذا كان الاختلاف كبيراً أو كان عدائياً تنافسيا فإنه يبعد الزوجين كلا منهما عن الآخر ويغذي الكره والنفور وعدم التحمل مما يؤدي إلى الطلاق.
ونجد عملياً أن "مشكلات التفاهم وصعوبته" هي من الأسباب المؤدية للطلاق. ويغذي صعوبات التفاهم هذه بعض الاتجاهات في الشخصية مثل العناد والإصرار على الرأي وأيضاً النزعة التنافسية الشديدة وحب السيطرة وأيضا الاندفاعية والتسرع في القرارات وفي ردود الفعل العصبية. حيث يغضب الإنسان وتستثار أعصابه بسرعة مما يولد شحنات كبيرة من الكراهية التي يعبر عنها بشكل مباشر من خلال الصياح والسباب والعنف أو بشكل غير مباشر من خلال السلبية "والتكشير" والصمت وعدم المشاركة وغير ذلك. كل ذلك يساهم في صعوبة التفاهم وحل المشكلات اليومية العادية مما يجعل الطرفين يبتعد كل منها عن الآخر في سلوكه وعواطفه وأفكاره.
ومن أسباب الطلاق الأخرى "تركيبة العلاقة الخاصة بزوج معين" كأن يكون للزوج أبناء من زوجة أخرى أو أن الزوجة مطلقة سابقاً وغير ذلك، وهذه المواصفات الخاصة تجعل الزواج أكثر صعوبة بسبب المهمات الإضافية والحساسيات المرتبطة بذلك، ويتطلب العلاج تفهما أكثر وصبراً وقوة للاستمرار في الزواج وتعديل المشكلات وحلها.

ومن الأسباب أيضاً "تكرار الطلاق" في أسرة الزوج أو الزوجة. حيث يكرر الأبناء والبنات ما حدث لأبويهم وبالطبع فالطلاق ليس مرضاً وراثياً ولكن الجروح والمعانة الناتجة عن طلاق الأبوين إضافة لبعض الصفات المكتسبة واتجاهات الشخصية المتعددة الأسباب كل ذلك يلعب دوراً في تكرار المأساة ثانية وثالثة، ولابد من التنبه لهذه العملية التكرارية وتفهمها ومحاولة العلاج وتعديل السلوك.

ومن أسباب الطلاق أيضاً انتشار "عادات التلفظ بالطلاق وتسهيل الفتاوي" بأن الطلاق قد وقع في بعض الحالات، ويرتبط ذلك بجملة من العادات الاجتماعية والتي تتطلب فهما وتعديلا وضبطاً كي لا يقع ضحيتا عدد من العلاقات الزوجية والتي يمكن لها أن تستمر وتزدهر. والطلاق هنا ليس مقصوداً وكأنه حدث خطأ... وهكذا نجد أن أسباب الطلاق متعددة وأن الأنانية والهروب من المسئولية وضعف القدرة على التعامل مع واقعية الحياة ومع الجنس الآخر، أنها عوامل عامة تساهم في حدوث الطلاق. ولا يمكننا أن نتوقع أن ينتهي الطلاق فهو ضرورة وله مبررات عديدة في أحيان كثيرة ولا يمكن لكل العلاقات الزوجية أن تستمر إذا كانت هناك أسباب مهمة ولا يمكن تغييرها.

من اجمل ماقرات للدكتور

الدكتور حسان المالح

استشاري الطب النفسي

شكرا ملكة الاحزان على تحليلك الرائع و طرحك المميز
و تقبلى تحياتى و دمتى بخير

شكرا احمد على مرورك على موضوعى