ملكة الاحزان المديرة العامة
عدد الرسائل : 2879 العمر : 35 الموقع : www.malket-elahzan.yoo7.com مزاجى : البلد : شكرا : 2 تاريخ التسجيل : 03/08/2008
| موضوع: صفحات من تاريخ المماليك - القسم الأول الأربعاء أكتوبر 29, 2008 1:14 am | |
| القسم الأول صفحات من تاريخ المماليك في مصر وسوريا (1250-نشوء دولة المماليك البحرية تعد السلطنة المملوكية وريثة الدولة الأيوبية في حكم كل من مصر وسوريا لأكثر من قرنين ونصف القرن (منذ منتصف القرن الثالث عشر الى بداية العقد الثاني من القرن السادس عشر الميلادي). وإلى هذه السلطنة يرجع الفضل في صد الغزو المغولي الذي استهدف حضارة النيل، والحفاظ على الحضارة العربية هناك، وتصفية بقايا الصليبيين الذين كونوا قواعد وممالك صليبية في قلب بلاد الشام منذ القرن الحادي عشر الميلادي. ولم يكن ذلك ممكنا من دون الارتكاز الى قاعدة عسكرية قوية كانت أساسا في تكوين تلك السلطنة.ظهرت السلطنة المملوكية بجهود المماليك بالدرجة الأساس الذين خدموا الدولة الأيوبية في مراحلها المتأخرة. وكان لمعظم السلاطين الأيوبيين مماليك لخدمتهم، ولكن السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين (1240-1249) كان أول من جنّدهم بأعداد كبيرة. إذ انتهز فرصة تدفق الرقيق الأتراك، الذين اجتُثوا من مواطنهم في سهوب القبجاق (شمالي البحر الأسود) والقوقاز (قرب بحر قزوين) بعد التقدم المغولي، الى الأسواق الإسلامية وكوّن منهم كتيبة من الحرس الخاص يبلغ عددهم ما يتراوح بين (800-1000) خيّال. وأطلق على هذه الكتيبة تسمية ”البحرية“ لأنه اسكنهم على جزيرة الروضة الواقعة على نهر النيل (بحر النيل). وخلال وقت قصير تمكن هؤلاء من التغلب على حكم الأيوبيين في كل من مصر وسوريا بعملية اغتصاب مدروسة للسلطة تحت ضغط أزمتين سياسيتين كما سنرى، وهما حملة الملك لوي التاسع (1249-1250) الصليبية، والاجتياح المغولي لسوريا (1259-1260). بدأت جذور تكوين فرقة المماليك البحرية بعد الإنقسام الذي حدث في الدولة الأيوبية أعقاب وفاة صلاح الدين الأيوبي سنة 1193، الذي أدى الى حدوث نزاع بين الأمراء الأيوبيين فيما بينهم من ناحية، وبين القوى الأخرى التي كانت تحكم أجزاءً من العالم العربي، مثل الزنكيين، من ناحية أخرى. وبالنتيجة حرص كل أمير على الاحتفاظ بإمارته ضد منافسيه. وكان ذلك مقدمة لاستقدام وشراء أعداد كبيرة من المماليك، الذين تزايدت سلطتهم على حساب سلطة الأيوبيين، ولاسيما مع اقتراب نهاية القرن الثاني عشر الميلادي. وفي سنة 1239 تزايدت سلطة هؤلاء لدرجة تمكنوا بمقتضاها من عزل الملك العادل الأيوبي وإحلال الصالح نجم الدين أيوب محله، مما دفعه، بعد أن أحس بفضلهم عليه، فضلا عن شعوره بإخلاصهم له، الى تكوين فرقة جديدة قُدّر لها أن تمارس دورا مهما في التاريخ استمر نحو قرن وثلث القرن (1250-1381) تمكنوا خلالها من الوصول الى سدة الحكم في مصر، ومواجهة المشكلات التي كانت تهدد العالم الإسلامي في مصر والشام سواءً كانت خارجية (ممثلةً بالخطرين المغولي والصليبي)، أو داخلية (ممثلةً بالمؤامرات المحلية والإقليمية والأزمات الاقتصادية). وما أن انتهت دولة المماليك البحرية حتى حلت محلها دولة أخرى هي دولة المماليك البرجية أو الشراكسة (سنة 1382) التي استمرت بالحكم حتى دخول الجيوش العثمانية مصر والشام بقيادة السلطان سليم الثاني والقضاء على حكمهم سنة 1517.مقتل توران شاه وسلطنة شجر الدر:أدت العوامل السياسية والعسكرية دورا مهما في بروز المماليك خلال هذه المرحلة واستئثارهم بالسلطة. وكان من ابرز تلك العوامل انتصارهم على الصليبيين في معركتي المنصورة وفارسكور سنة 1250، فبعد هذا الانتصار بدأوا يشعرون بقوتهم وأهميتهم وفضلهم في إنقاذ مصر من خطر كبير. وخلال الحملة توفي السلطان نجم الدين أيوب، واخفت أرملته شجر الدر نبأ وفاته لئلا تنتشر حالة من الفزع بين الجنود وتثبط عزيمتهم وتقوى، بالمقابل، عزيمة الصليبيين، فأدارت البلاد مع فخر الدين يوسف اتابك العسكر ريثما يصل توران شاه، ابن نجم الدين أيوب، والوريث الشرعي لحكم البلاد الى مصر قادما من حصن كيفا في الشام. وكان أول عمل قام به هذا عند وصوله مصر هو محاولته الاستفراد بالسلطة والتخلص من منافسيه والمقربين له. وبلغ به الأمر انه أراد التخلص من أرملة أبيه نفسها، شجر الدر، التي حفظت له عرشه بعد وفاة أبيه. ليس هذا فحسب، وإنما بدأ بالتنكر للمماليك أيضا. وخلال وقت قصير كان توران شاه قد أحاط نفسه بأعداء كان في غنىً عن عداوتهم. فما كان من شجر الدر إلا أن استنجدت بالمماليك إزاء تهديدات توران شاه بعزلها ومطالبتها بمال أبيه.لم يكن المماليك بحاجة الى مزيد من التحريض للتخلص من توران شاه، فقرروا التخلص منه بقتله عند نزوله في فارسكور جنوبي المنصورة. ونفذ عملية القتل بيبرس البندقداري الذي قام بقطع أصابع يد توران شاه، مما اضطره للهرب والالتجاء في برج خشبي في فارسكور، ثم قام المماليك بإحراق البرج، فألقى توران شاه نفسه في مياه النيل ليموت ”جريحا حريقا غريقا“. وبمقتله في سنة 1250 انتهت دولة الأيوبيين في مصر، ومُهدت الطريق لحكم المماليك.كانت شجر الدر أقرب المرشحين لتولي حكم الدولة الناشئة لسببين: الأول يخص أصلها التركي، والثاني إن الأمور لم تكن مهيأة بعد لتولي احد قاتلي توران شاه السلطة، فاستقر القرار على ترشيح شجر الدر لهذا المنصب. ولم يستمر حكم شجر الدر سوى (80) يوما خلال سنة 1250، وكانت أول حاكم رسمي في دولة المماليك البحرية. وصفها احد المصادر بأنها ”جارية تركية قوية الإرادة“. وانعكس ذلك في سيرتها قبل توليها السلطنة وبعدها. لا تزودنا المصادر المتاحة بتاريخ محدد لولادة شجر الدر. ولكننا نعرف إنها كانت الخليلة المفضلة للصالح أيوب قبل زواجها منه وتوليها السلطنة فيما بعد. وفي سنة 1239/1240، وخلال أسرهما في الكرك، حملت له ولده ”خليل“، فأصبح اسمها ”والدة خليل“، وبعد ذلك فرّ الصالح أيوب وتزوجها، وكان يحبها حبا جما، وأصبحت بزواجها منه ملكة مصر. لكن دورها الواضح في تاريخ مصر لم يتضح إلا خلال الحملة الفرنسية الصليبية على مصر وبعدها، حينما توفي زوجها الصالح أيوب (سنة 1249) ووجدت نفسها وجها لوجه في مواجهة الأحداث. إذ قام بعض المماليك المقربين منها، وعددهم ثلاثة أشخاص، أبرزهم القائد فخر الدين يوسف، الذي كان موضع ثقة زوجها، بإدارة الأمور واتفقوا على إخفاء نبأ وفاة الصالح أيوب وإناطة الحكم مؤقتا بفخر الدين ريثما يصل الوريث الشرعي ”الملك المعظم“ توران شاه بعد نحو ثلاثة اشهر. وبعد مقتل الأخير لسوء تصرفه اتفقت جيوش الصالح أيوب مع المماليك على تعيينها سلطانة في 4 مايس 1250، كما عُين معز الدين أيبك التركماني قائدا عاما للجيش (اتابك العسكر). وعلى الرغم من إن أمر تعيين إمرأة بمنصب السلطنة لم يكن مألوفا في العالم الإسلامي، إلا إن شرعيتها جاءت من وضعها كونها أرملة السلطان، فضلا عن كونها والدة ابنه المفضل، ويقال إن السلطان نفسه أوصاها بإبنه بصفتها مستشارته المفضلة. على أية حال، اشر تعيين شجر الدر لهذا المنصب نقطة تحول من الحكم الأيوبي الى الحكم المملوكي، فضلا عن انه يوضح احترام المماليك العالي لإمراة تنتمي الى اصل قبلي وإناطة مثل هذا المنصب الرفيع بها.وخلال حكمها القصير أثبتت شجر الدر مقدرتها الذهنية العالية في إدارة شؤون البلاد السياسية، فضلا عن تواضعها. ويتضح ذلك من خلال موقفها من السلطة الشرعية في بغداد، ودورها في جلاء الفرنسيين عن دمياط، وأخيرا موقفها من المعارضين لحكمها من الأيوبيين.1) بخصوص النقطة الأولى، أي موقف شجر الدر من السلطة الشرعية في بغداد، فإنها عملت على إعلان تبعيتها للخلافة العباسية في بغداد لعدم إثارة الخليفة المستعصم، فضلا عن الرأي العام. ومن اجل ذلك عملت على تثبيت لقب ”المستعصمية“ (نسبةً للخليفة المستعصم بالله) في النقود التي سُكّت في عهدها قصير الأجل دلالةً على تبعيتها لمقر الخلافة الرئيس في بغداد.2) وبخصوص النقطة الثانية، أي دورها في جلاء الفرنسيين الصليبيين عن دمياط فيمكن القول انه على الرغم من وقوع الملك الفرنسي لوي التاسع أسيرا في معركة المنصورة خلال الحملة الصليبية السابعة، لكن دمياط نفسها ظلت قاعدة بحرية بيد الفرنسيين، بمعنى إن الخطر الصليبي ما زال يشكل خطرا على مصر بأسرها في حال قيام أية حملة صليبية جديدة. وكان دور شجر الدر في حل هذه المسألة هي إنها أجرت مفاوضات مع الفرنسيين تم الاتفاق بموجبها على إطلاق سراح لوي التاسع بفدية قدرها ثلاثمائة ألف دينار يُدفع نصفها مقدما مقابل جلاء الفرنسيين عن دمياط. وبعد أن تم الاتفاق أمر لوي التاسع الصليبيين بالجلاء عن دمياط. وفي الوقت نفسه قامت زوجته بجمع نصف الفدية المتفق عليها فأفرج عن زوجها. أما بقية الأسرى، وعددهم أكثر من اثني عشر ألف أسير، فقد بقوا في الأسر لحين دفع باقي الفدية. وهكذا تمكنت شجر الدر بذكائها من إنقاذ مصر من خطر الصليبيين.3) المسألة المهمة الأخرى هي موقف شجر الدر من المعارضين لحكمها من الأيوبيين. فمن المعروف إن مقتل توران شاه وتولي شجر الدر يعنيان نهاية حكم الأيوبيين وبداية حكم المماليك. وكان الأيوبيون يعتقدون إنهم أصحاب الحق الشرعي في حكم مصر والشام بوصفهم ورثة صلاح الدين وإن المماليك اغتصبوا الحكم منهم. لذلك، رفض الأيوبيون الاعتراف بسلطنة شجر الدر وبحكم المماليك ككل، وتمرد الأمراء الأيوبيون في الشام على السلطة المملوكية الناشئة، ولم يكتفوا بذلك وإنما اخذوا يعدون العدة لغزو مصر واسترداد ملكها للأيوبيين. وأدرك المماليك خطورة الوضع لاسيما إن حكم مصر ليس بالأمر السهل. وتزامن ذلك مع استياء الخليفة في بغداد من اختيار المماليك إمرأة لحكمهم بقوله: ”إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فاخبرونا حتى نسير إليكم رجلا“. ومن اجل ذلك، وحلا لهذه المشكلة، ودرءاً لخطر الأيوبيين، عملت شجر الدر بنصيحة أمراء المماليك بالزواج من أتابك العسكر الأمير معز الدين أيبك على أن تترك السلطنة له، وتم ذلك في 30 تموز سنة 1250، فتنازلت عن الحكم لأيبك بعد أن حكمت ثمانين يوما فقط.يتبع............... | |
|
المشاعر الدافئة عضو مبدع
عدد الرسائل : 266 العمر : 42 البلد : شكرا : 0 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: صفحات من تاريخ المماليك - القسم الأول الخميس أكتوبر 30, 2008 12:01 am | |
| | |
|