ملكة الاحزان المديرة العامة
عدد الرسائل : 2879 العمر : 35 الموقع : www.malket-elahzan.yoo7.com مزاجى : البلد : شكرا : 2 تاريخ التسجيل : 03/08/2008
| موضوع: صفحات من تاريخ المماليك في سوريا ومصر - القسم الثالث الأربعاء أكتوبر 29, 2008 1:25 am | |
| صفحات من تاريخ المماليك في سوريا ومصر (1260- 1517)القسم الثالثالدكتور أنيس القيسي
سلطنة قطز ومعركة عين جالوت 1257-1260
بعد مقتل شجر الدر وأيبك استقر رأي المماليك على تنصيب علي بن أيبك وكان في حينها في الخامسة عشرة من عمره حتى تستقر الأمور، وعُيّن سيف الدين قطز اتابكا له. وبدأ هذا يفكر بالتخلص من هذا الأمير الصغير من اجل الوصول الى كرسي الحكم. ولابد من القول هنا إن المماليك لم يكونوا يؤمنون بمبدأ الوراثة في الحكم وإنما بمبدأ ”الحكم للأقوى“. على أية حال، عملت بعض التطورات الخارجية على تهيئة الجو لقطز لتولي الحكم بدلا من علي بن أيبك، وهذه التطورات هي: 1) تمكنه من صد خطر المماليك البحرية في الشام، بقيادة والي الكرك عمر الأيوبي، الذين كانوا يريدون العودة الى مصر. إذ تمكن قطز من إلحاق هزيمة بهم في موقع (الصالحية). 2) أما التطور الثاني فيتعلق بالتهديد المغولي. فبعد أن تمكنت الجيوش المغولية من اجتياح بغداد في سنة 1258 قرر هولاكو التوجه الى الشام ومنها الى مصر بتحريض من الناصر يوسف الأيوبي. وجهز لهذا الغرض قوة بلغ قوامها عشرين ألف رجل. واستغل قطز هذه التطورات للتخلص من علي بن أيبك بدعوى عدم قدرته على إدارة البلاد ومواجهة الخطر المحدق بالدولة. ثم انتهز فرصة خروج الأمراء للصيد في سنة فقبض على علي بن أيبك وأمه في سنة 1259 لينفرد بحكم البلاد.
[size=21]معركة عين جالوت (3 أيلول 1260) وفي عهد قطز هذا حدثت معركة عين جالوت الحاسمة بين القوات المملوكية والمغولية. فما هي استعدادات الطرفين لهذه المعركة، وكيف انتهت لصالح المماليك؟
كان المغول بعد سقوط بغداد مباشرة قد تقدموا في مناطق الرافدين بقيادة هولاكو الذي انضمت إليه جماعة من الأمراء المسيحيين رمزا للتعاون المسيحي ـ المغولي من اجل تقرير مصير بلاد الشام، وسبقه في ذلك التقدم (كتبغا) الذي قاد حملة المغول على بغداد (وهو من اصل تركي يدين بالديانة المسيحية). وفي الطريق وجه هولاكو بعض قواته المتقدمة لإخضاع المناطق التي مر بها الجيش، فأرسل ابنه (بوشي ـ مُت) الى ميافارقين والمناطق الكردية المجاورة لها، وإبن بدر الدين لؤلؤ المدعو الملك الصالح الى آمد، في حين قاد هو بنفسه (أي كتبغا) الهجوم على كل من الرها ونصيبين وحران.
وبعد القيام بهذه العمليات العسكرية في مناطق ديار بكر والجزيرة عبرت القوات المغولية لتوجيه الضربة للمدن السورية والحكام الأيوبيين من أحفاد صلاح الدين، مثل الملك الناصر يوسف حاكم دمشق. وكانت حلب أول المدن السورية التي هوجمت وسقطت بيد المغول في 25 كانون الثاني 1260. ثم تقدم المغول بسرعة فائقة باتجاه الجنوب. وفي 2 آذار 1260 دخلت القوات المغولية مدينة دمشق بقيادة كتبغا، في حين فرّ الحاكم الأيوبي ناصر الدين سيف الى مصر. وفي ربيع السنة نفسها قامت قوات مغولية باحتلال كل من نابلس وغزة.
كانت بداية الصِدام بين المغول والمماليك حين أرسل هولاكو سفارة الى مصر في أوائل سنة 1260 يطلب فيها من السلطان قطز الخضوع للسيادة المغولية. فما كان من قطز إلا أن أمر بقتل مبعوث هولاكو، بأمر من بيبرس، مما يعني إن الحرب واقعة لا محالة. على هذا الأساس استعد قطز للقتال فحشد قواته وانضمت إليه بعض القوات الخوارزمية وقوات المغيث بن عمر الأيوبي حاكم الكرك حتى أصبحت القوات الإسلامية تفوق القوات المغولية عددا، واجتاز قطز بقواته الحدود المصرية في نهاية تموز 1260، وتولى بيبرس قيادة المقدمة وتمكن من تحقيق إنتصار أولي على القوات المغولية القليلة التي كانت مرابطة في غزة.
من جانبه، تقدم قطز بقواته نحو الشمال بموازاة الساحل وأرسل سفارة الى حكام مملكة القدس اللاتينية يطلب فيها منهم إقامة تحالف إسلامي ـ صليبي ضد المغول والسماح للقوات الإسلامية بالمرور عبر الأراضي الخاضعة للسيطرة الصليبية والحصول على المؤن اللازمة للجيش. وعقد بارونات مملكة القدس اجتماعا للتشاور بهذا الموضوع نوقش فيه إن سجل المغول حافل بالمذابح، وإن المغول تعاطفوا مع السكان مع المسيحيين المحليين ولم يتعاطفوا مع الصليبين، وإنهم اعتدوا على مدينة صيدا منذ مدة قصيرة، وإن التعامل مع المسلمين أفضل من التعاون مع المغول. نتيجة لذلك قرروا الاكتفاء بالسماح بمرور القوات الإسلامية عبر الأراضي الصليبية، وتمويل القوات بما يكفي من المؤن، واستبعاد فكرة التحالف العسكري مع المسلمين. واستنادا الى هذا الاتفاق تقدم قطز بقواته شمالا حتى وصل الى مدينة عكا وعسكر في البساتين الواقعة خارج المدينة بضعة أيام.
تحركت قوات كتبغا المغولية (تساندها بعض القوات المسيحية المحلية مثل الأرمن والكرج، وبعض القوات الأيوبية) نحو بلاد الشام وتمكنت من السيطرة على بعض المناطق مثل حلب وحماه وحمص ودمشق وبعض المدن في فلسطين مثل الجليل من اجل توسيع نطاق النفوذ المغولي في المنطقة وتثبيت حكمهم في المناطق التي خضعت لهم في بلاد الشام. وسمعت القوة المملوكية بهذه التحركات فتحركت من عكا بالاتجاه الجنوبي الشرقي لملاقاة الجيش المغولي، والتقى الطرفان عند قرية بين بيسان ونابلس تعرف بإسم (عين جالوت) في 3 أيلول 1260. وفي هذه المعركة حققت جيوش المماليك البحرية إنتصارا حاسما على المغول عندما تمكنوا من خداع القوة الرئيسة للجيش المملوكي ومن ثم تدميرها. وهذه هي المرة الأولى التي يُهزم فيها جيش مغولي في معركة نظامية وأول إشارة الى إن العدو الذي لا يمكن التغلب عليه قد قُهر أخيرا.
كان مصير من بقي سالما من القوات المغولية أن هربت الى الجبال لكن المسلمين تعقبوهم وأفنوهم، ونجح البعض في الهرب الى الشرق. أما كتبغا فقد ظل يقاتل حتى هلك فرسه، فوقع في اسر المماليك وحمل مقيدا بالأغلال الى السلطان قطز الذي أمر بقتله. أما الملك الأشرف موسى الأيوبي فقد غادر المعسكر المغولي وطلب الأمان من قطز فأمنه واقره على ما كان بيده وهو مدينة حمص وملحقاتها. وبعد هذه المعركة تقدم قطز حتى وصل دمشق.
أسباب هزيمة المغول في معركة عين جالوت: في الحقيقة يتطلب الأمر وقفة قصيرة للنظر في الأسباب التي أدت الى هزيمة المغول في معركة عين جالوت، وهم الدولة الوحيدة التي لم تُهزم في كل فتوحاتها من بلاد الصين شرقا حتى البحر شواطئ البحر المتوسط غربا، ومن جنوبي روسيا شمالا حتى تركستان جنوبا. وهناك بضعة أسباب لهذه الهزيمة توزعت آراء المؤرخين بينها، يمكن إجمالها بما يأتي:
1) ابتعاد القوات المغولية عن قواعدها في شرقي الأردن. 2) قلة عدد القوات المغولية التي لم تكن لتتجاوز (20) ألف جندي في أكثر التقديرات، في حين كان عدد القوات التي غزت بغداد يزيد عن (200) ألف محارب. 3) تشابه الأساليب القتالية بين الجيشين المغولي والجيش المملوكي (إذ إن المماليك من الأصول التركية ولهذا علاقة بهزيمة المغول). 4) هروب بعض القوات المغولية من قيادة كتبغا والتحاقها بالمماليك البحرية. 5) وفاة مانكو خان (الخان المغولي الأعظم) ومن ثم عودة هولاكو والجزء الأكبر من الجيش المغولي. 6) موقف بيبرس قائد المعركة الذي وقف بحزم وعبأ الجيش المملوكي بكل نجاح واستغل مواطن الضعف لدى المغول لصالح المماليك من اجل تحقيق النصر. 7) المساعدة التي أبداها الصليبيون للقوات الإسلامية والسماح لها بالمرور في أراضيهم والالتفاف حول القوات المغولية من الشمال، وهو أمر لم يتوقعه المغول. الثورة التي قامت في دمشق بسبب تصرف المغول وقتل نقيب القلعة وواليها، مما اجبر كتبغا على ترك بعض من قواته لإقرار الأمن والنظام داخل المدينة. 9) عدم تعاون الأهالي مع المغول في الأراضي التي مروا بها مما جعلهم عرضة لعنصر المباغتة من القوات الإسلامية. 10) جهل المغول بطوبوغرافية الأراضي التي مروا بها. 11) توقيت المعركة تم بإختيار قطز وليس المغول، وهو أمر مهم لاسيما إذا علمنا إن معظم المعارك التي خاضها المغول كانت تتم في فصل الشتاء وتنتهي مع نهاية فصل الربيع. أما أحداث معركة عين جالوت فقد بدأت من شهر تموز واستمرت حتى أوائل أيلول، وهذا وقت تشتد فيه الحرارة في بلاد الشام وتقل المياه في الأنهار. 12) أخيرا، يمكن القول إن هذه المعركة كانت معركة حياة أو موت بالنسبية لدولة المماليك الناشئة التي أعلنت راية الجهاد في سبيل الإسلام، وكان لابد لها أن تثبت جدارة في أول مواجهة عسكرية تواجه بلاد المسلمين في حكمهم.
نتائج معركة عين جالوت: كان لمعركة عين جالوت نتائج حاسمة وعميقة الأثر فيما يخص التاريخ الإسلامي عامةً والتاريخ المملوكي على وجه التحديد. ويمكن إجمال أهم هذه النتائج بما يأتي: 1) تثبيت حكم الدولة المملوكية الناشئة في كل من مصر وسوريا. 2) إنقاذ مصر من اجتياح مغولي متوقع. 3) جعل هذا الإنتصار دولة المماليك البحرية القوة الرئيسة في منطقة الشرق الأدنى الإسلامي حتى الفتح العثماني. 4) عمل الإنتصار على تقوية وضع المسلمين في آسيا كلها، واضعف المسيحيين بحيث إن المغول الذين بقوا في إيران والأقاليم الغربية للإمبراطورية المغولية اعتنقوا الإسلام. 5) تحفيز المدن السورية التي سقطت بيد المغول على الانقضاض ضد الحاميات الموجودة فيها، والانتقام من العناصر المتعاونة مع المغول (مثل اليهود والدروز وبعض المسيحيين). 6) وأخيرا، عجل الإنتصار من القضاء على الإمارات الصليبية في بلاد الشام.
وكان من نتائج معركة عين جالوت أيضا انتقال الحكم من قطز الى قائد قواته بيبرس. فبعد انتهاء المعركة عاد الجيش المملوكي الى القاهرة منتصرا. وفي طريق العودة، في يوم 23 تشرين الأول 1260، كان السلطان قطز خارجا يتصيد مع عدد من كبار جيشه بما فيهم بيبرس، وعندما أوشكوا على الرجوع اقترب بيبرس من قطز وسأله عن موضوع الهدية التي وعده بها بخصوص إحدى البنات المغوليات من أسرى المعركة، فأجاب قطز بالموافقة، فقبّل بيبرس يده (وكانت هذه علامة بيبرس لمماليكه بالإذن في تنفيذ ما اتفقوا عليه بشأن مصير قطز). فوقع المماليك عليه وقتلوه بعد أن حكم احد عشر شهرا و 17 يوما. وعندما عاد المماليك الى معسكرهم اخبروا الاتابك اقطاي، الذي كان نائب السلطان خلال المعركة، بالعمل الذي قاموا به. فسأل اقطاي رؤساء المماليك: مَن منكم قتل السلطان؟ فأجاب بيبرس: ”أنا الذي قتلته... أنا الذي فعلت ذلك“. فرد اقطاي: ”إذن لتجلس أنت مكانه“. وكانت هذه الحادثة إشارة لعهد جديد في حكم سلاطين المماليك البحرية وهو حكم الظاهر بيبرس (1260-1277).
وقبل أن نبدأ حديثنا عن حكم الظاهر بيبرس لابد من الإشارة الى اختلاف المصادر المغولية والمملوكية في تناولها لهذه المعركة. فالمصادر المغولية لا تتكلم عن تفاصيل هذه المعركة والأسباب واضحة لأن المغول هُزموا فيها هزيمة شنيعة، في حين تذكر المصادر المملوكية كل التفاصيل الخاصة بهذه المعركة، وتشير الى كتبغا ومراسلاته مع الخان المغولي الأعظم التي يذكر فيها انه لا يهتم بهذه الفاجعة لأن هناك مَن يدافع عن المغول ويرفع اسم الخان هولاكو.
يتبع..............[/size] | |
|
المشاعر الدافئة عضو مبدع
عدد الرسائل : 266 العمر : 42 البلد : شكرا : 0 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: صفحات من تاريخ المماليك في سوريا ومصر - القسم الثالث الأربعاء أكتوبر 29, 2008 11:51 pm | |
| | |
|