ملكة الاحزان المديرة العامة
عدد الرسائل : 2879 العمر : 35 الموقع : www.malket-elahzan.yoo7.com مزاجى : البلد : شكرا : 2 تاريخ التسجيل : 03/08/2008
| موضوع: حقيقة الدوافع الدينية للحروب الصليبية الخميس سبتمبر 25, 2008 4:41 am | |
| الحرب أقدم نشاط عرفه الإنسان .فمنذ قتل قابيل أخاه هابيل وهام فى البرية يحمل وصمة الذنب الذى جناه , والإنسان لا يكف عن الحرب والقتال .وعلى الرغم من هذا ,وربما بسببه , سعى الناس دوماً إلى إيجاد المبرر الاخلاقى للحرب كي يجعلوا من قتل الإنسان لأخيه الإنسان أمراً مشروعاً. وقد اختلفت هذه المبررات الاخلاقيه للحرب من عصر إلى آخر وفقاً للأيديولوجيا السائدة , والتي تشكل نظرة المجتمع الشاملة تجاه الكون .ففي العصور القديمة كان حق الغزو لتحقيق الأمجاد , أو البحث عن موطن أفضل ,مبررا كافياً لشن الحرب .وفى العصور الوسطى لبست الحرب ثياب الدين فى غالب الأحوال . وها نحن أولاء ,فى عصرنا الحالي , نرى الحروب تندلع هنا وهناك : تقتل البشر بعشرات الألوف , وتدمر المدن والمزارع , وتمحو مظاهر الحياة فى بعض البقاع , متذرعة بنشر الحضارة بين قوم متخلفين تارة , وبحجة الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان تارة أخرى . بل إن أكثر الحروب تدميراً وتخريباً وفتكاً بالإنسان تشن اليوم بحجة إقرار السلام . وفى عصور التاريخ المختلفة استخدم الدين لتبرير العدوان على الشعوب واغتصاب أوطانهم . فعلها الصليبيين على ارض فلسطين فى العصور الوسطى , وها هم الصهاينة يفعلوها على الأرض ذاتها فى العصر الحديث . فهل من مدكر . أعتاد مؤرخو المدرسة القديمة أن ينظروا إلى الحروب الصليبية من زاوية واحدة هي الزاوية الدينية ,وان يعالجوها علاجا مبتورا فى ضوء العامل الديني وحده.متجاهلين ما فاضت به الحملات الصليبية من بواعث سياسية واقتصادية و اجتماعية وحضارية .من ذلك أن ريان riant عرف الحروب الصليبية بأنها ’’حروب دينيه استهدفت عن طريق مباشر أو غير مباشر الاستيلاء على الاراضى المقدسة بالشام،،. حقيقة إن الحركة الصليبية لها فى اسمها وطريقة الدعوة لها والروح التي كيف بعض أحداثها ما يجعل الصفة الدينية واضحة فيها .ولكن ليس معنى هذا أن التيار الديني هو المسئول الوحيد عن إثارة تلك الحركة والقوة الوحيدة الموجهة لها. وان المدقق فى تاريخ الحروب الصليبية ليسترعى نظره أن الروح الصليبية ذاتها كثيرا ما فترت بعض الأوقات فى حلقاتها, وان الباعث الديني كثيرا ما ذاب وسط التيارات السياسية والاقتصادية بوجه خاص. وللوقوف على قيمة الباعث الديني فى الحركة الصليبية يجدر بنا أن نتأمل أوضاع الحياة في الغرب الاروبى فى العصور الوسطى ,وما اعترى تلك الأوضاع من تطورات حتى أواخر القرن الحادي عشر ,وذلك حتى لا ننزلق فى الطريق نفسه الذى انزلق فيه كثير من المؤرخين السابقين ,وهم الذين اعتادوا أن يستفتحوا كلامهم عن الحروب الصليبية بالمبالغة فى سوء أحوال المسيحيين فى البلاد الإسلامية في العصور الوسطى ,وما تعرضوا له من اضطهادات وحشية ,وكيف أن كنائسهم خربت ,وأديرتهم أغلقت و طقوسهم عطلت.... فضلا عما لاقاه حجاج بيت المقدس المسيحيين من عقبات وما تعرضوا له من معاملة سيئة من حكام البلاد الإسلامية التي مروا بها . من الواضح أن هذا المدخل للحروب الصليبية مدخل مضلل بعيد عن الحقيقة والتاريخ ,ليس فقط بسبب ما يشتمل عليه من مبالغات معظمها لا أساس لها من الصحة ,بل أيضا لأن الدخول إلى تاريخ الحركة الصليبية من هذا الباب الوهمي كفيل بأن يصرف الباحث عن المدخل الحقيقي للموضوع .فالقول بأن الحروب الصليبية أتت رد فعل للاضطهاد الذى تعرض له المسيحيون -الشرقيون والغربيون- فى البلدان الإسلامية ,إنما هو ادعاء باطل لا يتفق مع روح الإسلام وطبيعة الدعوة إليه, وما أحاط به القران أهل الكتاب من رعاية وعناية ,وما أمر الله به محمداً عليه الصلاة والسلام من دعوتهم الى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة (فإن اسلموا فقد إهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ,والله بصير بالعباد).(سورة الشورى 14,15) ويثبت التاريخ أن المسيحيين عاشوا دائما فى كنف الدولة الإسلامية عيشة هادئة, تشهد عليها الرسالة التي بعث بها ثيودسيوس بطريق بيت المقدس سنة 869م إلى زميله إجناتيوس بطرق القسطنطينية والتي امتدح فيها المسلمين واثني على قلوبهم الرحيمة وتسامحهم المطلق ,حتى أنهم سمحوا للمسيحيين ببناء مزيد من الكنائس دون اى تدخل فى شئونهم الخاصة .وذكر بطرق بيت المقدس بالحرف الواحد فى رسالته : (إن المسلمين قوم عادلون ,ونحن لا نلقى منهم اى أذى أو تعنت) حقيقة إن التاريخ يشير إلى تعرض المسيحيين إلى الأذى فى بعض البلدان الإسلامية لنوع من الضغط والاضطهاد ,ولكن هذه حالات فرديه شذت عن القاعدة العامة التي حرص الإسلام عليها دائما وهى التسامح المطلق مع أهل الكتاب. وإذا كان بعض المؤلفين الأوربيين تمسكوا بهذه الحالات الفردية وأرادوا أن يتخذوها دليلا على سوء العلاقة وتعسف الحكام المسلمين مع أهل الكتاب فى عصر الحروب الصليبية ,فلعل هؤلاء الكتاب نسوا أو تناسوا ما صحب انتشار المسيحية ذاتها من اضطهادات ومجازر بدأت من القرن الربع للميلاد حتى نهاية العصور الوسطى .وحسبنا ما قام به خلفاء الإمبراطور قسطنطين الأول من اضطهادات لإرغام غير المسيحيين على اعتناق المسيحية ,وما قام به شارلمان من فرض المسيحية على السكسون و البافاريين والأفار بحد السيف ,حتى انه قتل من السكسون وحدهم فى مذبحة فردن الشهيرة أكثر من أربعة آلاف فرد جملة واحدة , وما ارتكبه الفرسان التيتون و فرسان منظمة السيف من وحشية وقسوة بالغة فى محاولتهم نشر المسيحية فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر بين البروسيين واللتوانيين وغيرهم من الشعوب السلافية قرب شاطئ البحر البلطي. هذا كله فضلا عما أتاه المبشرون الجزويت فى القرن السابع عشر من عنف لنشر المسيحية فى الهند. ويضيف احد كبار المؤرخين الأوربيين أن حالات الاضطهاد الفردية التي تعرض لها المسيحيون فى البلدان الإسلامية فى الشرق الأدنى فى القرن العاشر بالذات لا يصح بأي حال من الأحوال أن يكون سببا حقيقيا للحركة الصليبية ,لان المسيحيين بوجه عام تمتعوا بقسط وافر من الحرية الدينية وغير الدينية فى ظل الحكم الاسلامى ,فلم يسمح لهم فقط بالاحتفاظ بكنائسهم القديمة وإنما سمح لهم أيضا بتشييد كنائس وأديره جديدة وجمعوا فى مكتباتها كتب دينية متنوعة فى اللاهوت . ومن الواضح أن مثل هذه الروح السامية التي عومل بها المسيحيين فى البلدان الإسلامية لا ينقص من قدرها إطلاقا رجل عرف بشذوذه –مثل الخليفة الحاكم بأمر الله – من تصرفات تجاه أهل الذمة .ولم يكد الحاكم يموت سنة 1021م إلا وعاد المسيحيون فى مصر و الشام يحظون بما ألفوه من رحابة صدر الإسلام و المسلمين ,كما عقد الصلح بين الدولة الفاطمية والدولة البيزنطية, وصار البيزنطيون يشرفون على كنيسة القيامة فى بيت المقدس ,ثم وفد الحجاج كعادتهم يزورون بيت المقدس فى امن وسلام. واذا كان دعاة الحروب الصليبية فى أواخر القرن الحادي عشر قد دأبوا على الدعاية لحركتهم فى غرب أوربا عن طريق المناداة بأن أحوال المسيحيين فى آسيا الصغرى و الشام قد ساءت تحت حكم السلاجقة ,فان هناك أكثر من مؤرخ أوربي مسيحي منصف قرروا فى صراحة تامة أن السلاجقة لم يغيروا شيئا من أوضاع المسيحيين فى الشرق ,وان المسيحيين الذين خضعوا الى حكم السلاجقة صاروا أسعد حالا من أخوانهم الذين عاشوا فى قلب الإمبراطورية البيزنطية ذاتها, (وأن ما اعترى المسيحيين فى الشام وآسيا الصغرى من متاعب فى ذلك العصر , إنما كان مرده الصراع بين السلاجقة والبيزنطيين لأنه لا يوجد أى دليل على قيام السلاجقة باضطهاد المسيحيين لهم . ولكن هل معنى هذا أن الباعث الديني ليس له أثر فى تحريك الحروب الصليبية ؟وهل يفهم من الكلام السابق أن العامل الديني يصح إهماله تماما عند الكلام عن القوى التي وجهت الحركة الصليبية منذ القرن الحادي عشر؟الواقع أنني لم أقصد ذلك مطلقا ولكنى أردت أن أصحح اعتبارين طالما وقع فيهما كثير عند المعالجة لهذا الموضوع وهما : الاعتبار الأول: فهو انه ليس من الصواب إطلاقا أن هناك اضطهاد ديني فريد فى نوعه حل بالمسيحيين فى البلدان الإسلامية فى الشرق الأدنى فى القرن الحادي عشر مما يصح أن يكون سببا لاستثارة الغرب الاوربى.وإذا كان بعض دعاة الحملة الصليبية الأولى –وعلى رأسهم البابا أوربان الثاني نفسه – قد استغلوا فكرة الاضطهاد هذه للاستهلاك المحلى فى الدعاية لمشروعهم فى غرب أوروبا , فإن عامة الناس فى مختلف بلدان الغرب الأوروبي لم يكن يهمهم كثيرا أمر إخوانهم المسيحيين الشرقيين فى البلدان الأسلاميه. الاعتبار الثاني: أنه لا صحة إطلاقا للفكرة الخيالية التي ظلت سائدة أمدا طويلا والتي صورت الصليبيين الذين اخذوا يفدون من غرب أوربا إلى الشرق الأدنى منذ نهاية القرن الحادي عشر فى صورة المسيحيين المخلصين الذين جرفهم شعور التقوى و الورع الى هجرة الأهل والوطن والأحباب فى سبيل تحقيق رسالة دينية سامية ,وأنهم أعرضوا عن الدنيا ومتاعها من أجل غرض واحد وهو خدمة الصليبيين والاستشهاد فى سبيله. حقيقة إن العصور الوسطى فى الغرب الاوربى عرفت باسم (عصور الإيمان),وحقيقة إننا نسمع الكثير عن سلطة الكنيسة و رجالها على قلوب الناس فى غرب أوربا فى تلك العصور ,وحقيقة إن التاريخ يثبت أن الكنيسة الغربية ممثلة فى شخص زعيمها البابا هي التي دعت إلى الحروب الصليبية سنة 1095,وأن هذه الدعوة ترتب عليها ما حدث من خروج الناس أفواجا على شكل حملات صليبية ضخمة متلاحقة إلى الشرق الأدنى .ولكن فكرة شن حرب دينية على المسلمين واستخلاص الاراضى المقدسة منهم لم تكن الباعث الأول الذى دفع البابوية إلى القيام بتلك الدعوة ودفع جموع الناس من أمراء وعامة إلى تلبية نداء البابا فى سهولة ويسر والخروج أفواجا من غرب أوروبا قاصدين الشرق الأدنى . أما عن البابوية فكانت قد بلغت فى القرن الحادي عشر درجة خطيرة من القوه واتساع النفوذ , مما فتح أمامها أفاقا واسعة لتجعل سلطاتها عالميه بمعنى أن يكون البابا -بوصفه خليفة المسيح والقديس بطرس – الزعيم الروحي لجميع المسيحيين فى الشرق والغرب , والمعروف أن البابوية ظلت دائما ترغب فى إخضاع الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية لزعامتها , ولكن النزاع الذى استحكمت حلقاته بين الأباطرة والبيزنطيين من ناحية والبابوية من ناحية أخرى , جعل من المتعذر حتى ذلك الوقت القيام بمحاولة جديه لتوحيد الكنيستين الشرقية والغربية , وإزالة ما بينهما من شقاق. وأخيرا جاء استنجاد الأباطرة البيزنطيين بالغرب الأوروبي ضد السلاجقة فى القرن الحادي عشر ليتيح فرصة ذهبية للبابا للظهور فى صورة الزعيم الأوحد للشعب المسيحي كافه فى صراعه ضد المسلمين , ولمحاولة إدماج الكنيسة الشرقية فى الكنيسة الغربية تحت زعامة خليفة القديس بطرس , على أن يتم ذلك كله تحت ستار محاربة المسلمين وحماية البيزنطيين واسترداد الأراضي المقدسة فى فلسطين. هذا عن البابوية , أما عن جمهرة الصليبيين الذين استجابوا إلى النداء البابوي وخرجوا قاصدين الشرق الأدنى ,فلم يكن الهدف الديني هو الباعث الرئيسي الذى دفع الغالبية العظمى منهم إلى المشاركة فى الحركة الصليبية . وقد اعترف كثير من المؤرخين الأوروبيين الذين عالجوا هذا الموضوع بأن غالبية الصليبيين الغربيين الذين أسهموا فى الحركة الصليبية تركوا بلادهم إما بدافع الفضول أو لتحقيق أطماع سياسية,وإما الخلاص من حياة الفقر التي كانوا يحيونها فى بلادهم فى ظل النظام الاقطاعى ,وإما للتهرب من ديونهم الثقيلة أو محاولة تأجيل سدادها ,وإما فرارا من العقوبات المفروضة على المذنبين منهم وأما لتحقيق مكاسب سياسية و اقتصادية فى بلاد الشرق. وأي وازع ديني كان عند ألوف الصليبيين الذين شاركوا فى الحملة الصليبية الرابعة الذين اتجهوا إلى القسطنطينية –وهو البلد المسيحي الكبير –لينهبوا كنائسها . ويسرقوا أديرتها ويعتدوا على أهلها بالقتل والضرب, وهم جميعا أخوانهم فى الدين؟؟. سبحان الله إنها حجج من نسيج العنكبوت | |
|
المشاعر الدافئة عضو مبدع
عدد الرسائل : 266 العمر : 42 البلد : شكرا : 0 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: حقيقة الدوافع الدينية للحروب الصليبية الأربعاء أكتوبر 08, 2008 1:17 pm | |
| | |
|